(وإنك لعلى خلق عظيم).. آية قرآنية وصفت أخلاق النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، في تعامله مع الناس أجمعين، مسلمهم وكافرهم، فكانت أخلاق النبوّة رحمةً وهدى، وتلطّفاً وشفقة، ويضرب لنا – صلى الله عليه وسلم – أروع الأمثلة الدعويّة والتربويّة ويتمثّل لنا حكمة الدعوة قولاً وعملاً.
ومن مواقف النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تعطي درسا في الأخلاق لكل من يفتقدها في التعامل مع الناس، وهو في المسجد بين أصحابه – رضوان الله عليهم أجمعين:
ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابيٌّ في المسجد، فقام الناس إليه ليقَعوا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دعُوهُ وأريقوا على بوله سَجْلًا من ماءٍ، أو ذَنوبًا من ماءٍ، فإنما بُعثتُم ميسِّرينَ، ولم تُبعَثوا معسِّرين))؛ رواه البخاري.
– “السَّجْلُ” بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وهي الدلو الممتلئة ماءً، وكذلك الذَّنوب.
– أعرابي: يعني بدوي، والبدوي في الغالب لا يَعرِفُ أحكام الشرع؛ لأنه يعيش في البادية في إبله أو في غنمه، وليس له علمٌ بشريعة الله، كما قال الله تعالى: ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ [التوبة: 97]؛ يعني أقرب ألا يعلموا حدود ما أنزَلَ الله على رسوله، لأنهم في باديتهم بعيدون عن الناس وعن العلم والشرع.
وكان هذا الأعرابيّ دخل المسجد واحتاج إلى أن يبول، فبالَ في طائفة المسجد؛ أي: تنحَّى وبال في المسجد، فهمَّ الناس به أن يقعوا فيه وزجروه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: ((دعوه)) دعوه يقضي بوله، ((وأريقوا على بوله سَجْلًا من ماء، أو ذَنوبًا من ماء، فإنما بُعثتم ميسِّرين، ولم تُبعثوا معسِّرين))، فترَكَه الناس.
فلما قضى الأعرابي بوله، صَبُّوا عليه ذَنوبًا من الماء، يعني دلوًا من الماء، فطهُر المحلُّ، وزال المحذور، ثم دعا بالأعرابي وقال له: ((إن هذه المساجد لا يصلُحُ فيها شيء من الأذى أو القذر، وإنما هي للصلاة، وقراءة القرآن، والتكبير))، أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولقد أثّر هذا الموقف على نفس الأعرابيّ تأثيراً بالغاً، ويظهر ذلك في قوله الذي أُثر عنه: “.. فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليّ بأبي هو وأمي، فلم يسبّ، ولم يؤنّب ولم يضرب” رواه أحمد.
ومن دروس هذا الحديث الشريف أن الله تعالى يُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، كما صحّ ذلك عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم.
وكذلك منعه صلى الله عليه وسلم الصحابة من الوقوع بالرّجل أو الإساءة إليه، لأنهم إن فعلوا ذلك ترتّب على فعلهم العديد من الفاسد.
والحاصل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدّم للأمة درساً بالغ الأهمية في أحوال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومعرفة طبائع الناس ومراعاة نفسيّاتهم، لتظل الذكرى الطيبة والمشاعر الجميلة في نفوس المدعوّين وما يترتب عليه من قبولهم للحق والهدى.
اقرأ أيضاً:
بعد فيديو المعتمر المصري.. رئيس شؤون الحرمين: الالتزام بتعليمات الأمن عبادة
هل يسرق الجن أموال الإنس؟.. عالمة أزهرية ترد وتنصح بهذا الدعاء
وكالات أكد سفير مصر في نيوزيلندا السفير جورج عازر، أن عملية تصويت المصريين في الخارج…
كتب - محمود عبده : 01:00 ص 07/11/2025 …
قال أحمد كجوك، وزير المالية، إن صفقة الاستثمارات المصرية القطرية الجديدة لتطوير منطقة علم الروم…
كتب : نهي خورشيد 08:48 م 06/11/2025 كتب…
كتب - يوسف محمد: 12:12 ص 07/11/2025 أعرب…
كتب- محمود الهواري: 03:10 ص 06/11/2025 أعلنت شركة…