العديد من الكتب تحدثت عن السفر، وهناك نوع أدبى معروف هو “أدب الرحلات” لكن ربما لم يتحدث الكثير عن رحلات العالم القديم، كيف كان يسافر الأقدمون، وهو ما أجاب عنها كتاب “حكايات الشرق القديم” للمؤلف ألكسندر نيميروفسكى، وترجمة مصطفى محمود، والصادرة ترجمته العربية عن سلسلة آفاق عالمية، بالهيئة العامة لقصور الثقافة.
يذكر ألكسندر نميروفسكى مؤلف الحكايات أن السفر فى التاريخ القديم يشبه كثيراً السفر إلى الفضاء الخارجى، فحينما تسافر إلى الماضى السحيق تكتشف التصادمات وتستوعب الصراعات، ويتيح لك منظور التاريخ أن تقرر أوجه التشابه فى الأحداث المختلفة، ويكون زادك فى هذه الرحلة المثيرة هو التصور والخيال، وأجمل ما فى رحلة الحكايات هذه أنها تجعلنا نعيش التفصيلات الحياتية والاجتماعية للأحداث التاريخية التى وقعت فى العصور البعيدة من منظور إنسانى، وهى ليست قصصاً عن تمجيد الملوك والشخصيات البارزة والوقائع والأحداث الشهيرة، بل عن الإنسان العادى وحياته فى ظل كل ما سبق.
وتتأسس تلك الحكايات على مصادر ثابتة من نقوش المعابد وأوراق البردى والمخطوطات والنصوص الأدبية والنبوئية، وكذلك الأساطير فى الحضارة المصرية والبابلية والهندية والصينية.
ويأتى على غلاف الكتاب: “علم التاريخ يشبه إلى حد بعيد دراسة الفضاء الخارجي، فعندما تعود إلى الماضى البعيد ستكتشف الصدمة المتمثلة فى التشابه – سلبيًّا – الذى ما زال يربط العوالم متسلسلة رغم مرور الحقب والأزمنة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى البون الشاسع بين ما كان – إيجابيًّا – وما هو كائن وسيكون”.
هذا هو ما يمكننا أن نستخلصه من هذا الكتاب؛ فأثناء قراءتك له ستشعر بشعور غريب، إذ ستأخذك كل حكاية تقرأها، وكل صفحة تقلبها إلى عالمٍ آخر، عالم مختلف وغريب فى آن واحد، تشعر فيه حتمًا بشعور إنسان يحيا فى عالم قديم.
فهذا الكتاب الغريب والرائع سيجعل منك رحَّالة فى كل حكاية من حكاياته، فتارة ستذهب إلى الشرق وترى بعينيك بوذا وتشهد معركة قادش وجلجامش وأنكيدو، ومن ثم ترحل لليونان وترى سقراط وحمورابى وما لم تره من قبل.
ستعرف عند قراءتك لهذا الكتاب الكثير من الأشياء الخفية وستقرأ عن أشياء قد تكون قد سمعت بها من قبل أو لم تسمع إلا أن الفارق أنك ستعرفها تفصيلًا وكأنك عن كثب”.