ومن المعروف أن ابن حزم كان من أعمدة الفقه الظاهرى، وكان يعرف ما كتبه الشعراء والأدباء والفقهاء الحنابلة وأهل الظاهر فى مسألة الحب، فقد كان ابن حزم مطلعاً على ما كتبه ابن داود الظاهرى فى كتابه “الزهرة عن الحب”.
وصدر ابن حزم فى كتابه الذى قسمه إلى 30 بابا، 10 منها فى أصول الحب، و12 بابًا فى أعراض الحب وصفاته المحمودة والمذمومة، بالإضافة إلى 6 أبواب في الآفات الداخلة على الحب، وباب فى قبح المعصية، وباب فى فضل التعفف عن منظور فكرى يتمثل رؤيته مثلما يعكس سيرته الذاتية وقدراً كبيراً من التجربة الأندلسية.
وقد وصف كتاب “طوق الحمامة فى الألفة والألاف” بأنه أدق ما كتب العرب فى دراسة الحب ومظاهره وأسبابه، وقد قال ابن حزم فى أحد دفتى الكتاب: “أن كلمة الحب تحمل ما تحمل من أسرار، وتجلب ما تجلب من أفراح وأتراح، فما أن يصاب الإنسان بالحب، إلا وتتغير حاله، وتتبدل شئونه، فالحب يفعل ما يفعل في الإنسان لما له من أسرار وأعراض”.
ويغوص ابن حزم في رائعته “طوق الحمامة” في بحار هذا السر الذي خلق مع الإنسان، فيخرِج لنا أصوله، ويعرفنا على أعراضه ونواحيه، وصفاته المحمودة والمذمومة، وكذلك الآفات التى تدخل على الحب وتلازمه، مورِدًا بين ثنايا كتابه بعض القصص التى عاينها بنفسه عن الحب وأبطاله، ثم يختم رسالته الغنية هذه بأفضل ختام وهو قبح المعصية، وفضل التعفف ليكون قد أحاط بالحب من كل جوا.
وتحمل الأبواب الثلاثين عناوين لعل أبرزها: الكلام فى ماهية الحب، باب علامات الحب، باب من أحب فى النوم، باب من أحب بالوصف، باب من أحب من نظرة واحدة، باب من لا يحب إلا مع المطاولة، باب من أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها مما يخالفها، باب التعريض بالقول، باب الإشارة بالعين.
يشار إلى أن على بن حزم الأندلسى، ولد فى قرطبة عام 384ﻫـ، هو العالم الفقيه، والشاعر اللبيب، صاحب المذهب الظاهري، موسوعي العلوم، أكثر علماء الإسلام تأليفًا بعد الإمام الطبري، ومن أكبر علماء الأندلس، إمام حافظ، شافعي الفقه، انتقل منه إلى الظاهرية، له ردود كثيرة على الشيعة واليهود والنصارى وعلى الصوفية والخوارج.