تحب الدراما أن تستوحى موضوعاتها من الأعمال الروائية منها ما ينجح ويتجاوز العمل الأدبى ومنا ما لا يحقق نجاحا ملحوظا ويظل العمل الروائى هو الأبرز.
ومن الأعمال التى تحولت إلى مسلسل عالمى قدمته إحدى المنصات مسلسل ” السكك الحديدية السرية” المقتبس من رواية بنفس الاسم الحائزة على جائزة البوليترز وجائزة الكتاب الوطنى للكاتب الأمريكى كولسون وايتهيد.
يتناول المسلسل الذى أخرجه جنكنز بارى كفاح العبدة كورا وهروبها للحرية عبر السكك الحديدية السرية التى يديرها سود أحرار.
و”كورا” مستعبدة تعمل فى مزرعة قُطن خلال الفترة التى سبقت نشوب الحرب الأهليّة الأمريكيّة فى القرن الثامن عشر. يعيش العبيد وقتها حياةً جحيميّة، غير أن كورا وجدت فى حياتها ما هو أشدّ صعوبة؛ فهى لم تكن منبوذة وحسب من قبل البِيض، بل وأيضًا من قِبَل إخوانها الإفريقيّين، لأن والدتها هربَت من المزرعة دون أن يتمكّن صيّادو العبيد من إعادتها، وهذا حُلم كلّ عبدٍ دون استثناء؛ ولأسبقيّة جدّتها فى الوصول إلى المزرعة قادمةً فى بطن سفينة عَبيد أبحرَت من القارّة السّوداء.
ينضمّ إلى المزرعة سيزر، العبد الذى اصطادوه فى فرجينيا، فيُعجب بكورا ويُخبرها عن أمر السّكك الحديديّة السريّة: مهارب تحت الأرض لا يُعرف من حفرها ومَن سعى إلى جلب القاطرات البدائيّة إليها، ولا يعرف البِيض الأعداء طريقًا إليها وأين تقع، فالمداخل إليها مخبّأة ومموّهة.
غير أن سيزر، الذى يعرض على كورا الهرب نحو الشّمال، حيث يعيش السّود أحرارًا، يعرف شخصًا يدلّه على أحد المداخل، فتأخذ حياة كورا دربًا لم تتخيّلها.
يُعالج وايتهيد فى الرواية مسألة العبوديّة والظُّلم الأسود-الأسود، والخُدعة الأمريكية بشأن المساواة بين المواطنين منذ إعلان الاستقلال الأمريكي.
ورغم كتابته السّرديّة المتشظّية التى تشبه اللقطات المتتابعة والتى يضطرّ معها القارئ إلى إعادة القراءة دومًا، لا الرّكض مع السّرد حتى النهاية، فإن أسلوبه هذا يترك التأثير المرجوّ منه فى نفس القارئ وخياله: الحياة ليست نهرًا جاريًا سلسًا، بل هى مليئة بالسّخام والتراب والمستنقعات، وخطوات الهرب إمّا إلى المشنقة، أو الشّمس.
السكك الحديدة
السكك