الإفتاء توضح معنى الصلاة الواردة في قوله تعالى: ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَ

أوضحت دار الإفتاء المصرية معنى الصلاة الواردة في قوله تعالى: ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ وبيان شبهة في ذلك، وذلك رداً على سؤال تلقته من شخص يقول:
شاهدتُ فيديو لأحد المتصدرين على وسائل التواصل الاجتماعي يستشكل على معنى وكيفية الصلاة على النبي بقولنا: “اللهم صل على محمد أو على النبي” أن هذا طلبٌ من الله للصلاة على النبي، فكيف يطلب المسلم من الله أن يصلي على النبي وهو سبحانه يصلي عليه بالفعل؟ واعتبر أن ذلك من باب رد الأمر على الآمر، وقال: كأننا نقول لربنا: “صل أنت”! وذهب إلى أن المراد من الصلاة على النبي هو الدعاء بقولنا: “اللهم آت محمدًا الوسيلة والفضيلة..” ونحو ذلك من الدعاء لشخص النبي وبذلك نكون صلينا على النبي محمد، فنرجو التوضيح والإفادة.
وفي رده، أوضح الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن المراد بقول الله تعالى ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ ليس مطلق الدعاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بأي دعاء، وإنما هو معنًى مخصوصٌ يظهر في السؤال والطلب من الله تعالى أن يتولى الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، كـقولنا: “اللهم صلِّ على سيدنا محمد” أو صلَّى الله على سيدنا محمد” أو ما يُشبه ذلك؛ تعظيمًا لشأنه وقضاء لحقه ووفاء بمكافأته وزيادة في صلاة المولى الكريم عليه فهي دائمة بدوام مُلك الله.
ما في طلب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من معان وحكم
وأوضح عياد، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، أن قول المسلم حين الصلاة على النبي “اللهم صل على سيدنا محمد” أو “صلى الله على سيدنا محمد” ما هو إلا الإتيان بالصفة المخصوصة بالأمر الإلهي الوارد، والتعبد بها؛ فإن هناك حِكَمًا جليلة ومعانيَ دقيقة ينبغي على المسلم أن يعيها ويلتفت إليها، ومن ذلك:
1- تحقق الفعل الإلهي وأثره على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحصول العناية والإحسان والمغفرة به بصلاة الله عليه؛ فهو القادر على إنفاذ أمره وقدره، بخلاف العبد فهو مخلوق عاجز ليس بيديه شيء.
2- تعظيم المكافأة وديمومتها بتفويض العبد مولاه عزَّ وجلَّ بإنزال رحمته ومغفرته المقرونة بالتعظيم الدائم واللائق به صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه العالم بقدر عبده سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
قال العلامة أحمد بن محمد الصاوي المالكي الخلوتي في “حاشيته على تفسير الجلالين” (3/ 269، ط. دار الجيل): [إن قلتَ: إن صلاتهم طلب من الله أن يصلي عليه وهو مصلٍّ عليه مطلقًا طلبوا أو لَا. أجيب بأن الخلق لما كانوا عاجزين عن مكافأته صلى الله عليه وآله وسلم طلبوا من القادر المالك أن يكافئه؛ ولا شك أن الصلاة الواصلة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مِن الله لا تقف عند حد؛ فكلما طُلبتْ من الله زادت على نبيه، فهي دائمة بدوام الله] اهـ.
3- أن الدعاء من العبد -وهو ما نادى به صاحب المقطع- عمل تحت القبول والرد؛ إلا الصلاة على النبي فإنها عمل مقبول غير مردود؛ لما فيها من مشاهدة معنى الاستمرار التجددي في أن الله تعالى لا يزال مصليًا على النبي.
وهو ما يُفهم من قول العلامة ابن عابدين الحنفي في “رد المحتار” (1/ 520-521، ط. دار الفكر): [إن الله تعالى قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: 56] بلفظ المضارع المفيد للاستمرار التجددي مع الافتتاح بالجملة الاسمية المفيدة للتوكيد وابتدائها بإن لزيادة التوكيد، وهذا دليل على أنه سبحانه لا يزال مصليًا على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم امتن سبحانه على عباده المؤمنين حيث أمرهم بالصلاة أيضًا ليحصل لهم بذلك زيادة فضلٍ وشرفٍ، وإلا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مُسْتغنٍ بصلاة ربه سبحانه وتعالى عليه، فيكون دعاء المؤمن بطلب الصلاة من ربه تعالى مقبولا قطعا أي مجابًا لإخباره سبحانه وتعالى بأنه يصلي عليه، بخلاف سائر أنواع الدعاء وغيره من العبادات] اهـ.
4- قصد الإيفاء بحقه صلى الله عليه وآله وسلم.
قال الإمام الحليمي في “المنهاج في شعب الإيمان” (2/ 134): [الصلاة عليه مما يقصد به قضاء حقه ويتقرب بإكبارها إلى الله عزَّ وجلَّ، فيدل على أن قولنا: اللهم صلِّ على محمد صلاة منا عليه أنا لا نملك اتصال ما يعظم به أمره، ويعلو به قدره إليه. وإنما ذلك على الله تعالى، فيصح أن صلاتنا عليه الدعاء له بذلك، وابتغاؤه من الله عز وجل، ويبين بذلك أن الله عزَّ وجلَّ قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ فجاءه ابن أبي أوفى بصدقة قال: “اللهم صل على ابن أبي أوفى” فكانت عليه دعاؤه به أن يصلي عليه إن كان ذلك أكثر مما ملكه، والله أعلم] اهـ.
اقرأ أيضاً:
علي جمعة يكشف عن صيغة “الصلاة النارية”: لتفريج الكرب وتوسيع الرزق وسرعة
مصدر الخبر